يرى المركز أن الشباب الفلسطيني رافعة للمشروع الوطني التحرري، لذا فالمركز يضع العمل معهم ضمن صلب أولوياته. إذ يرى أن تنمية الشباب وتفعيل دورهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي على رأس التزاماته تجاه الفئات القاعدية التي يعمل معها ومن أجلها. فالمجتمع الفلسطيني مجتمع فتي تبلغ نسبة من هم دون سن 29 عاما 69 % من مجموع الشعب الفلسطيني، يعيشون تحت سياسات التهميش والاستهداف المباشرة وغير المباشرة الهادفة إلى كسر روابطه بمحيطه الوطني والاجتماعي والسياسي ، ما يجعل من العمل معهم واجب وطني أخلاقي في الدرجة الأولى.
المركز وتحدي الشرذمة الشبابية
يعتبر المركز أن مخاطر الشرذمة والنزعات الشبابية للهجرة وكل منهجيات التجهيل التي تمارس على الشباب الفلسطيني بهدف خلق أجيال فلسطينية مفككة ومغتربة عن واقعها لا يمكن أن تواجه إلا ببرنامج وطني قادر على فهم السياق العام، وتقديم البديل التنموي الجماعي لهم من منطلق فهم علمي لحاجاتهم. لذا يولي مركز دراسات التنمية اهتماما بالغا في تفعيل دور الشباب ومساعدتهم على امتلاك وفهم لهذا السياق. حيث عمل المركز ضمن “برنامج الشباب الفلسطيني معاً من أجل التغيير” وبالشراكة مع هيئة خدمات الأصدقاء الأمريكيين “كويكرز” على مشروع متكامل طويل الأمد يهدف لمقاومة الشرذمة وتعميق الهوية الوطنية للشباب على مستوى فلسطين التاريخية (قطاع غزة، الضفة الغربية، الداخل المحتل عام 1948) . يأتي ذلك من خلال دمج مجموعات شبابية من هذه المناطق لتعريفهم ببعضهم، وتنمية مهارات التواصل، والفهم المشترك فيما بينهم، سعيا لإعادة الاعتبار للهوية الوطنية الجامعة ومقاومة الشرذمة الاستعمارية والتجزأة الاجتماعية السياسية، ضمن أنشطة مشتركة نظرية وعملية قادرة على تحقيق التواصل الدائم بينهم، وإكسابهم القدرة على تجاوز حواجز الواقع الاستعماري الممتد منذ النكبة.
التدخلات المجتمعية مع الشباب
كما يرى المركز أهمية امتلاك الشباب من كلا الجنسين لاقتصادهم وقدرتهم على التخطيط له باستقلالية وإبداعية، لتنمية واقعهم وتنشيطهم اجتماعيا وسياسيا. لذا فقد سعى المركز إلى خلق شراكات مع المؤسسات ذات الصلة لفتح مساحات جديدة للشباب من خلال تدخلات ميدانية ومن خلال توسيع شبكة المجموعات الشبابية مع هذه المؤسسات مثل (ترميم عين ماء أبو الشبان في شرق يطا /الخليل). وتأكيدا على رؤيته لدمج الشباب وتنميتهم، فقد عمل المركز كذلك على إنشاء تعاونيات شبابية اقتصادية من شأنها بناء نموذج اقتصاد صمود يقوده الشباب والشابات الفلسطينيين، ويعيد الارتباط بالأرض من جهة، عبر إعادة الاعتبار لها كقيمة اقتصادية تنموية، ومن جهة أخرى يعيد رسم ملامح المشروع التنموي الشعبي الفلسطيني الذي تقوده وتمتلكه الفئات الشعبية، وتضع فيه طاقاتها الإنتاجية. كل ذلك سعيا لتقديم نموذج تنموي بديل لثقافة الاستهلاك والفردية عبر تعزيز قيم العمل الجماعي الشبابي في التعاونيات. فبدأ المركز بتقديم منح للشباب من كلا الجنسين لإقامة تعاونيات زراعية إنتاجية. ونجح في فترة قصيرة من إنشاء ثلاث تعاونيات في مناطق مهمشة ومهددة بالمصادرة . (تعاونية لزراعة العنب في بلدة رنتيس/ تعاونية لتربية الدواجن في بلدة بيرزيت / تعاونية لزراعة الزعتر في دير السودان) .
كما ويعمل المركز على تعزيز دور الشباب عبر دمجهم بأنشطته التطوعية وتفعيل العلاقة بين المجموعات الشبابية الفاعلة في مختلف مناطق الوجود الفلسطيني، للاطلاع على التجارب الشبابية الريادية في العمل المجتمعي والسياسي والاقتصادي.
إن فهم مركز دراسات التنمية لظروف الشباب وأهميتهم في المجتمع الفلسطيني شكل ركيزة أساسية لوضع الخطط والبرامج التي من شأنها بناء نموذج غير تقليدي للارتقاء بواقعهم، بالارتكاز على فهم علمي نابع من دراسة هذا الواقع من خلال عدد من الدراسات والمسوحات الدورية التي تتناول قضايا الشباب وفهم اهتماماتهم واحتياجاتهم على مختلف الصعد، وتقديم ما يلائم من بدائل وحلول. يأتي ذلك عبر التركيز على قضايا الهوية ومقاومة الشرذمة والمشاركة المجتمعية، والتنمية الاقتصادية، المعتمدة على إعادة الاعتبار لثقافة العمل الجماعي، وتعزيز الهوية والثقة بقدرات الشباب. الأمر الذي يضع أولئك الشباب في صلب أنشطة المركز كشركاء أساسيين فاعلين لا مستهدفين فقط.
من منطلق فهمنا لأهمية إتاحة المجال وفتح المساحات للشباب الفلسطيني للتعبير عن أنفسهم ونشر آرائهم فإن مركز دراسات التنمية خلق هذه المساحة لهم لنشر مدوناتهم وإبداعاتهم الأكاديمية والأدبية وتجاربهم الميدانية. آملين أن تشكل هذه النافذة فسحة للتعبير عن الشباب الفلسطيني وهمومهم واحتياجاتهم.
Comment here