الأخبار

ندوة افتراضية حول التضامن في أوساط اللاجئين في لبنان

افتتح د. حنفي اللقاء بالحديث عن موضوع التضامن من زاوية نظرية متطرقا لموضوع السوسيولوجيا الأخلاقية والسياسية تحديدا فكرة الاستجابة للمعاناة البعيدة، مشيرا إلى أن الحداثة المتأخرة تخلق عند البعض تعاطفاً مع معاناة الآخرين البعيدين وتضامناً مع مآسيهم في حين أنه وفي الوقت الذي يصل فيه اللاجئ إلى بلد اللجوء يصبح هنالك خوف من اللاجئ بوصفه عدواً داخلياً، وهذا ما يصفه د. حنفي بالتناقض الأخلاقي في الحداثة المتأخرة، والذي يدفعنا باتجاه التضامن مع مجموعة معينة في فترة معينة واتخاذها كعدو في فترة أخرى. وقد استطاعت بعض المناطق التغلب على هذه المعضلة من خلال تطوير سياسات التضامن والتعاطف مع اللاجئين.

وأشار إلى أن النمط الذي يعيشه الإنسان في الحداثة المتأخرة فيه نوع من الاستهلاكية المفرطة التي أخلت بالتوازن بين علاقة الفرد والمجتمع والبيئة والتي انعكست على شكل جائحة عالمية نتيجة للأنماط الاستهلاكية. بالنسبة لجائحة كورونا فقد أشار إلى أن فترة الجائحة أعطت هامشا للإنسان للتفكير في علاقته بالإنسان الآخر من جهة، وعلاقته مع الطبيعة من جهة أخرى. كما أشار د. ساري إلى الإشكالية في تعامل العلوم الاجتماعية مع الإنسان ككائن اقتصادي (Homo Economicus) في حين أغفلت تلك العلوم الدور الأنثروبولوجي للإنسان كمخلوق خيّر ومتضامن. مشددا على ضرورة ربط العلوم الاجتماعية في الفلسفة الأخلاقية والالتفات إلى التضامن كانعكاس للجانب الخيّر للإنسان. كما تطرق إلى مبادرات التضامن التي برزت في لبنان خلال أزمة كورونا.

من جانبها ركزت إبراهيم على ربط موضوع التضامن بالعدالة والمظالم الهيكيلة من بداية أزمات اللجوء وصولاً إلى جائحة كورونا ومروراً بالشبكات التضامنية والتي ناضلت من أجل الفئات المختلفة في لبنان. كما أشارت إلى البنية الاقتصادية المتهالكة والبنية التحتية الضعيفة والخدمات البلدية السيئة في لبنان، رابطةً هذا كله بالخطاب السياسي اللبناني الذي يحمّل اللجوء السوري مسؤولية تدهور الأوضاع في لبنان على الرغم من وجود تلك الأزمات قبل حدوث الأزمة السورية.

وأضافت أنه ومنذ بداية الأزمة افتقرت الدولة اللبنانية إلى سياسة واضحة في إدارة أزمة اللاجئين إضافة إلى استخدام خطاب عدائي تجاههم مستخدمة إياهم “ككبش فداء” لتبرير الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية والبيئية في البلد، ما فاقم من هشاشة الوضع القانوني والأمني للاجئين وهو ما انعكس سلباً على مشاركة اللاجئين السوريين في تطوير الاقتصاد اللبناني. أما جائحة كورونا، فقد فاقمت من حدّة الخطاب الرسمي المعادي للاجئين في لبنان والذي يحمّل اللاجئين السبب في احتمالية انتشار الوباء بسبب الاكتظاظ السكاني في المخيمات واستحالة حدوث التباعد الاجتماعي فيها، إضافة إلى فرض البلديات لحظر التجوال التمييزي ضد اللاجئين السوريين قبل إعلان الإغلاق الوطني من قبل الحكومة اللبنانية، وهذا ما أثّر بشكل كبير على اللاجئين، كما ترك أثراً على العلاقة بين اللاجئين وبعض المجتمعات المضيفة. كما أشارت إلى العلاقة التاريخية للبنان باللاجئين، موضحةً أنه وعبر سنوات من استضافة اللاجئين تم خلق فراغ قانوني واجتماعي واقتصادي عانى منه اللاجئون في لبنان منذ وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان عام 1948 ما أعاق إمكانية تحسين وضع اللاجئين منذ ذلك الحين. وهو ما واجهه السوريون منذ قدومهم إلى لبنان.

عقد مركز دراسات التنمية في جامعة بيرزيت، يوم الاثنين 29 حزيران 2020، ندوة افتراضية عبر برنامج زووم حول موضوع “التضامن في أوساط اللاجئين في لبنان: أنماط قديمة لأزمات جديدة” والتي تحدث خلالها كل من ساري حنفي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفاطمة إبراهيم مديرة برنامج اللاجئون = شركاء في لبنان فيما أدار الجلسة رائد اشنيور من مركز دراسات التنمية في جامعة بيرزيت.

وأشارت إلى الحاجة إلى مبادرة تضامنية شمولية لتحقيق العدالة لجميع القاطنين على الأرض اللبنانية وإعطاء الأولوية لإستراتيجية تنمية شاملة تشرك اللبنانيين مع جميع المجتمعات اللاجئة في لبنان، مركّزة على تضامن الشبكات ودور تلك الشبكات في خلق التضامن البنّاء في قلب المجتمع. مع ضرورة النظر إلى التضامن كجزء لا يتجزأ من المعايير التي تشمل العدالة والتي تتطلب الحرية المتساوية لكل الأفراد وتعتمد على معايير الديمقراطية وتشمل الحقوق المتساوية للمشاركة الفعالة في المجتمع. كما شددت على أهمية تناول مفهوم التضامن كممارسة جماعية بحيث يتم ترسيخ التضامن إدارياً وقانونياً. وضرورة تمييزه عن مفاهيم التعاطف والصدقة من خلال السعي والعمل الجاد على ربطه بمنظومة العدالة والحقوق.

عقب اللقاء نقاش مع الحضور ركز على حالة التهميش التي يعانيها اللاجئون في لبنان.

يذكر أن اللقاء هو الأول في سلسلة اللقاءات حول ‘التضامن في زمن الحرب واللجوء- سوريا ولبنان وفلسطين في ظل الجائحة العالمية’، والتي ينظمها مشروع المعرفة والحرب، وهو مشروع بحثي ممول من قبل وكالة التنمية النمساوية، لمزيد من المعلومات الرجاء زيارة الموقع.

About Author

Comment here