أعمال ومشاريع متممة

الحد من الفقر وتمكين الاسر الفقيرة

الحد من الفقر وتمكين الاسر الفقيرة
أعمال ومشاريع متممة
2011
هدف المشروع تقييم تمكين الاسر الفقيرة، الذي يعمل على تنفيذه كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الإسلامي للتنمية، حيث يتكون هذا المشروع من أربع أوراق بحثية، يتم العمل فيها على مرحلتين: تشمل كل منهما ورقتين. تم إعتماد الورقتين الأولى والثانية، حيث تغطي الأولى التجارب التنموية الفلسطينية “المحلية” منذ احتلال 1967، لإستخلاص أهم القيم التنموية خاصة إبان الانتفاضة الاولى، بالتركيز على البدائل التنموية الممكنة في السياق الفلسطيني. والثانية تقييم المشروع تنموياً بالتركيز على الأبعاد الاجتماعية، وتحليل قيم التضامن والمشاركة والوكالة البشرية. فيما تحاول الأوراق الأخرى التعمق في المفاهيم والمقاربات “الإسلامية” للتنمية، حسب منظور بنك التنمية الإسلامي.

مشروع (DEEP): الفكرة والأهداف
يتناول هذا الجزء من الورقة بالوصف والتحليل أهم ما أوردته الوثائق الرئيسية للمشروع، إضافة لرصد التغيرات العملية التي تمت خلال تطبيق المشروع، هذه التغيرات تغطيها بشكل رئيسي المقابلات المعّمقة والنقاشات مع فريق المشروع. ومن القضايا ذات الأهمية أيضاً التي سنحاول تحليلها هنا، المنطلقات الأساسية للمشروع، وخاصةً تموضع آليات المشروع ضمن النماذج الأساسية للتمويل الصغير، بمعنى أين يقف التمويل الصغير في مشروع (DEEP) من النموذج الليبرالي والنيوليبرالي، وكيف يقدم إطار المشروع بديلاً لهذه النماذج من جهة، ومن جهة أخرى الاستخلاصات السياقية من تجربة الانتفاضة الأولى. (الأمر الذي يحتاج إلى لقاءات مع الخبراء القائمين على الفكرة خاصة في جذورها النظرية).

وبشكل محدد ينطلق المشروع بعمله ومشاركته للفقراء من جانبين:

مساندة البرامج الوطنية لمكافحة الفقر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال شبكات الأمان الاجتماعية ، والتي تعزز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأسر الأكثر فقراً، حيث سعى المشروع من خلال هذا المنطلق لتكوين شراكات واسعة مع المنظمات الأهلية، من خلال تعزيز آليات جديدة للعمل مع الأسر الأكثر فقراً سواء من خلال البناء على قدراتهم في تطوير أعمالهم، وبالاستناد إلى خبرات ومدخلات تلك الأسر الفقيرة، والعمل معها على أساس الشراكة لا الوصاية.
برامج الإقراض الصغيرة ومتناهية الصغر: من خلال تمويل المشاريع والأعمال الصغيرة والعمل على تهيئة بيئية لتلك الأسر الفقيرة والمنكشفة للفقر لزيادة أنشطة دخلها. وتم ذلك من خلال مبدأ التغير بإدخال منتجات جديدة من خلال التركيز على مبدأ الإنتاجية وليس مبدأ الاستهلاك، ويرتكز ذلك الإطار على العمل مع الفقراء بأدوات إستثمارية وليس بأدوات إقراضية.
وتشير الأدبيات واللقاءات التحضّيرية أن رؤية المشروع عززت من تحقيق شراكات بين المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، والمؤسسات الأهلية الشريكة بالمشروع، ومؤسسات الإقراض الصغيرة ومتناهية الصغر، والمؤسسة الدولية الشريكة (البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة). وإرتبطت بتلك الشراكة أهداف نهج العمل التشاركي سواءً من خلال بناء القدرات لدى الوزارات المعنية والمؤسسات الأهلية ومؤسسات الإقراض والمؤسسة الدولية، باتجاهات عدة، ترتبط بالأساس بإحداث تغيير في نهج العمل مع الفقراء، وبتعزيز الفكر التنموي ضمن مبدأي التمكين والمشاركة.

تشير الوثائق والمعلومات المتوفرة، أن المشروع قام بـ 4400 تدخلاً من خلال برنامج المنح والتي تمت بالشراكة مع مؤسسات العمل الأهلي، مع نهاية العام 2010. كما تم رصد ما يقارب 2000 تدخلاً من خلال القروض.

مؤشرات التقييم وأسئلته الرئيسية

ولتقييم المشروع تنموياً، يضع هذا المقترح ستة مستويات أولية للأسئلة (والتي من المفترض أن المشروع جاء في فكرته ليحققها)، حيث سيُبنى التحليل والتقييم بشكل أساسي عليها، بحيث يتم تطوير مجموعة جديدة من الأسئلة تبعاً للنتائج (وذلك عند إعداد التقرير النهائي، حيث سيتم فحص مجموعة الأسئلة الجديدة في المجموعات التحليلية).

المستوى الأول: هل أسهم المشروع في إحداث تغيير في الرؤية الوطنية (الخاصة بالحد من الفقر) من حيث:
مدى التغيير الحاصل في الرؤية الوطنية في مفاهيم العمل على التمكين الاقتصادي مع الفقراء؟
كيف انعكس هذا التغير وبأي مستوى، سواءً على مستوى السياسات أو في الفكر الاستراتيجي. (خطة التنمية الفلسطينية، رؤية ورسالة وزارة الشؤون الاجتماعية، الوزارات الأخرى ذات العلاقة، مثل وزارة العمل، ووزارة التخطيط، وزارة الاقتصاد….الخ، وعلى مستوى خطط وسياسات المؤسسات الأهلية ومؤسسات الإقراض).
قراءة مستوى التغيير في المؤسسات المختلفة ذات العلاقة من المنظور التنموي للعمل مع الفقراء.
المستوى الثاني: هل ساهم المشروع في تغيير وتطوير آليات ومنهجية العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية من حيث:
أبعاد التغير في رسالة وزارة الشؤون الاجتماعية ورسالتها في العمل على مكافحة الفقر.
نهج العمل المفاهيمي المرتبط بالعمل مع الفقراء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ما هي الأسس والاتجاهات التنموية التي تم تبينها في إستراتيجية الحماية الاجتماعية في العمل مع الفقراء، وكيف انعكس ذلك على برامج الوزارة الأخرى في العمل مع الفقراء والفئات المهمشة (كالنساء والأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال).
فحص مؤشرات التحول الأخرى: كالإنتقال من الإغاثة إلى التمكين الاقتصادي، سياسة التطوير في المؤشرات الخاصة بتقييم وضع الأسر الفقيرة، رؤية العاملين والعاملات بشكل مباشر مع الفقراء، رؤية صنَّاع القرار داخل الوزارة…الخ.

المستوى الثالث: ما مدى التغيير الحاصل في عمل المؤسسات الأهلية الفلسطينية: تتمتع المؤسسات الأهلية الفلسطينية بصلة وثيقة وخبرة طويلة بالعمل مع الفئات المهمشة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد ساندت غالبية المؤسسات الأهلية البرامج الوطنية لمكافحة الفقر، وكان لها تأثيرات مختلفة، وهنا من الأهمية الوقوف على القضايا والمؤشرات التالية:
كيف بنى المشروع (DEEP) على خبرات مؤسسات العمل الأهلي، وما هي الأسس والمعايير التي إرتأها في تلك المؤسسات الشريكة بالمشروع دون غيرها من ناحية تنموية ومنهجية في العمل مع الفقراء.
ما هي الآليات الجديدة التي أضافها (DEEP) على خبرة تلك المؤسسات خاصة فرق العمل الميداني لتلك المؤسسات لتدعيم استدامتهم كفريق مساند للعمل داخل المؤسسة؟
ما هي التحولات الجديدة في عمل تلك المؤسسات مع المهمشين بالعموم والأسر الأشد فقراً بشكل خاص.
إلى أي مدى كان هذا النهج ذات طابع استدامي وليس له ارتباط فقط بالمشروع.
فحص طبيعة العلاقة بين الشركاء من منظمات العمل الأهلي والى أي حد شكل عملهم شبكة تنسيقية على الأرض والبناء والاستفادة وتبادل الخبرات.

المستوى الرابع: ما مدى التغيير الحاصل بالتمويل الصغير في الأراضي الفلسطينية: يتميز الفلسطينيون بخبرة لا بأس بها في التمويل الأصغر حيث كانت بدايته منذ العام 1986. وبالعموم مر التمويل الصغير في الأراضي الفلسطينية بثلاث مراحل رئيسية، مرحلة البناء والتي امتدت من العام 1986-1995، وكانت الميزة الرئيسية في تلك الفترة بأن البرامج الممّولة لم تكن موجهة للفقراء وذوي الدخل المحدود ولم تتقاطع مع استراتيجيات مكافحة الفقر، بل استهدفت أصحاب المشاريع المتوسطة وأحياناً الكبيرة واعتمدت إستراتيجية مكافحة البطالة عبر زيادة فرص العمل، كما أن المؤسسات العاملة في هذا المجال افتقرت إلى الخبرة في إدارة التمويل الأصغر. المرحلة الثانية امتدت من العام 1995-2000، حيث حددت معظم المؤسسات أهدافها في مكافحة الفقر عبر التمويل الصغير ومتناهي الصغر وحددت الفئات المستهدفة بالنساء، فقراء المزارعين، ذوي الدخل المحدود وأبناء المخيمات، وتم تطوير كادر فلسطيني مؤهل لإدارة مؤسسات التمويل الصغير ومتناهي الصغر لديه قناعة بالممارسات المثلى وضرورة الوصول إلى الاستدامة المالية والتشغيلية. أما المرحلة الثالثة فامتدت منذ العام 2000 حتى اللحظة، وتميزت هذه الفترة بمأسسة القطاع وتعزيز وجوده مع تزايد الاهتمام الحكومي الرسمي بأهمية التمويل الصغير ومتناهي الصغر كأداة وطنية في مكافحة الفقر وزيادة دخل الفئات المحدودة، وتم الإقرار في العديد من الخطط الإستراتيجية والتنموية والبرامج الحكومية بهذه الحقيقة وتوِّج هذا الاهتمام باعتماد وزارة التخطيط والجهات المانحة بإنشاء لجنة تنسيق خاصة بقطاع التمويل الصغير منبثقة عن لجنة تنسيق القطاع الخاص وتم تمثيل الشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير ومتناهي الصغر بعضو في هذه اللجنة، كما تم دخول ممّولين جدد إضافة إلى الممّولين التقليديين، وتحديداً البنك الإسلامي للتنمية في جدة الذي بادر إلى عقد اتفاقات تجريبية بمبالغ صغيرة مع 5 مؤسسات عاملة في فلسطين ولاحقاً أطلق بالتعاون مع UNDP مشروع DEEP، ومع هذا التطور الذي تشير إليه الأدبيات وأكدت عليه أدبيات (DEEP) لا بد من فحص المؤشرات التالية على هذا المستوى:
ما هي أهم التغيرات على مستوى نهج عمل مؤسسات التمويل الصغير؟
وهل هذا التغير بدا مرتبط بإدخال مناحي جديدة للتمويل الصغير من خلال مشاركة الأسر الفقيرة والمنكشفة للفقر والتي كانت مستثناة من قائمة تلك المؤسسات؟
ما هي التطورات التي حصلت في معايير الاستهداف خاص بالانتقال من الاتجاه الاستهلاكي إلى الاستثماري والذي طال العمل مع تلك المؤسسات من خلال العمل مع الفقراء؟
وهل فعلاً انتقل العمل مع الفقراء من خلال الشراكة مع مؤسسات الإقراض بأدوات استثمارية وليس بأدوات إقراضية من خلال تعزيز مفهوم الشراكة مع الفقراء والحرص على إنجاحهم وليس على تسديد قروضهم؟
المستوى الخامس: ما مدى التغير الحاصل في منظور المؤسسة الأممية (البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة): كما أوضحنا سالفاً هناك مؤسسات دولية تقليدية تساهم منذ البداية في دعم قطاع الإقراض الصغير والمتناهي الصغر، وهناك مؤسسات مختلفة كانت تعمل ببرامج الفقر من منظور الإغاثة والمساعدات الإنسانية خاصة مع إنهيار الواقع الاقتصادي الفلسطيني بعد العام 2002، و تكرّس خلال السنوات العشر السابقة في عمل جزء كبير من المؤسسات نهج عمل يفتقر إلى التنمية والشراكة مع الفلسطينيين، فهل بالفعل إشراك المؤسسة الأممية بهذا المشروع حقق تغيير حقيقي في رؤيتها من خلال الشراكة مع بنك التنمية الإسلامي في جدة وكيف؟
كيف تغير دور المؤسسة الأممية بالعموم ضمن نهج عملها في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي مكافحة الفقر في فلسطين على وجه الخصوص؟
وهل انتقلت المؤسسة الأممية في رؤيتها للعمل مع الفلسطينيين إلى التركيز على الأولويات المحلية على حساب التركيز على أولوياتها ومنظورها بالعمل أسوة بمناطق عملها الأخرى في العالم؟
هل عزز هذا المشروع نظرة المؤسسة الأممية للعمل مع قطاعات مجتمعية جديدة كانت ضمن القائمة السوداء (إن جاز التعبير)، مثل العمل في مناطق “ج” أو العمل في القدس المحتلة؟
المستوى السادس: ما الأدوار الرئيسية التي لعبها المشروع في حياة الفقراء، وهو المحور الأساسي لعمل المشروع (وللتقييم):
هل هناك دور تغييري مرتبط بالفقراء أنفسهم؟
كيف انعكس ذلك من حيث طبيعة العمل والشراكة والتواصل معهم؟
هل حقق المشروع نقلة نوعية مرتبطة بانتقال حياتهم من الاعتماد على برامج الإغاثة إلى الاعتماد على الذات والتمكين الفردي والأسري والمجتمعي “الجمعي”، وكيف؟
هل نجح المشروع بخلق إيمان لدى هذه الأسر بقدرتها الإنتاجية؟
هل نجح المشروع في تعزيز مبدأ الشراكة مع الفقراء من خلال ربطهم وشراكاتهم التضامنية مع المجتمع؟
وهل ساهمت هذه الشراكة بتعزيز دور الفقراء كوكلاء فاعلين للتغيير التنموي لا كزبائن أو كمتلقين فقط؟
هل أصبحت هذه الأسر بالفعل قادرة على بناء علاقات أوسع مع المجتمع من خلال تعزيز مشاركتها المجتمعية، وهل كان المشروع قادر على تمكينها للوصول إلى المصادر والفرص المختلفة دون قيود ؟
إلى أي مدى نجح الفقراء في تكوين بيئة إنتاجية –إقتصادية-إستثمارية مع الفقراء، وفي أي سياق كانت تلك الاقتصاديات ارتباطاً بالسوق.
تلعب الأسرة دوراً حيوياً ومهماً كدور وسيط في العلاقات بين الأفراد والمجتمعات المحلية والأسواق، وهي المؤسسة التي تشجع على الاعتماد المتبادل بين البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الرسمية وغير الرسمية، كيف تم التعاطي مع ذلك لدى الأسر الفقيرة ضمن علاقات النوع الاجتماعي، ما هو مصير النساء وعلاقات النوع الاجتماعي في ظل هذا الواقع الجديد؟

الإطار النظري التحليلي
تورد وثائق مشروع (DEEP) هدف التمكين الاقتصادي للفقراء كأحد أهم منطلقات المشروع وأهدافه، والجديد في المشروع أنه يطرح مفهوم مشاريع الأعمال مع الفقراء كأساس لتمكينهم الاقتصادي، وذلك انطلاقاً من اتجاه نظري جديد بدأ بالتنامي رداً على محدودية سياسات التمكين الاقتصادي التي تتبنى مقاربة التمكين من أعلى إلى أسفل، في الحد من ظاهرة الفقر.

يرى هذا الاتجاه الجديد أن نموذج العمل مع الفقراء كأداة للحد من الفقر يقتضي بداية الانتقال من النظر للفقراء كضحايا أو كشريحة تشكل عبئاص تنموياً، إلى مدخل يرى فيهم شركاء قادرين على القيام بالمشاريع وإدارتها. هذا المدخل لا يرى في ميكانزمات السوق الليبرالي الجديد القدرة على تحقيق ذلك، بل ينطلق من العلاقة التكاملية بين القطاعات المختلفة (الخاص، والمجتمع المدني، والحكومة خاصة بمستوياتها المحلية، والفقراء أنفسهم)، ما يقود لتأسيس عدد هائل من المشاريع الصغيرة على المستوى القاعدي. وعليه، ينظر للحد من الفقر بالتكامل مع فكرة تطوير الأعمال وبالتالي توسيع فرص التنمية.

ومن هنا يبدو مفهوم التمكين في قلب المفاهيم الضرورية لتحليل وتقييم مشروع (DEEP)، مع أهمية التنويه هنا أنه سيتم استخدام التمكين ببعده الشمولي وليس فقط التمكين الاقتصادي، باعتبار هذا الأخير أحد مركبات الأول، ولا يمكن أن يشكل بديلاً عنه، بمعنى أن أحد أهداف التقييم هنا، الخروج بتوجهات مستقبلية لتطوير المشروع، وتعزيز السياسات التمكينية التي يتبناها.

باختصار، يمكن تعريف التمكين بأنه مجمل العمليات والإجراءات والتغييرات اللازمة للحصول على القدرات اللازمة للتحكم في المصادر (المادية، والتنظيمية، والمعنوية…) ، وبالتالي فهو حالة تغيير في علاقات القوة/ السلطة القائمة باتجاه حيازة الفرد/ الجماعة مساحات أوسع للتحكم بكل ما يتعلق بحياتهم. إن الوصول إلى هذه الحالة التمكينية ليس بعملية ميكانيكية، بل تتضمن سلسلة من الخطوات، تبدأ من تحرر الأفراد من القيود الداخلية (أو ما يمكن تسميته بحالة استدخال الضعف والسلبية لدى الأفراد، واستلاب إرادتهم وتوقهم للتغيير)، وصولاً لامتلاك إرادة التغيير لتوسيع خيارات الفرد والجماعة والمؤسسات الممثلة لهم، وتهيئة السياق الموضوعي.

وهنا يبرز التساؤل حول علاقة التمكين بالحد من الفقر، بمعنى كيف يمكن للتمكين (وليس التمكين الاقتصادي وحسب)، أن يُسهم في الحد من الفقر؟ أو هل يشكل التمكين نموذجاً أكثر فعالية من غيره للحد من الفقر؟ إن مفهوم التمكين بتركيزه على علاقات القوة القائمة، والسعي لتغييرها، يحلل الفقر كأحد نتائج الاختلال في توزيع المصادر واستحواذ الأفراد عليها، وذلك نتيجة عوامل أخرى (تتجاوز المؤشرات الاقتصادية الكمية المتعلقة بمستوى الدخل أو الإنفاق) كالجنس والعرق والتوزيع الجغرافي والمستوى التعليمي، وعليه فمن الواضح أن هناك مجموعات منكشفة للفقر أكثر من غيرها، وهو ما يبرر الحاجة للتمكين، فأولئك المهمشين هم الأقل استحواذاً على مصادر القوة، وبالتالي فإن تمكينهم من شأنه إخراجهم من دائرة الفقر.

إلا أن التمكين كأداة للحد من الفقر يشوبه بعض الانتقادات والمحاذير، منها:

أن التمكين يبدو مكلفاً (مادياً ووقتاً) كأداة للحد من الفقر، حيث أن الفقراء أقل قدرة على التعاطي مع الإجراءات والعلاقات اللازمة لإدارة مشاريعهم الممّولة. فيما ير

About Author

Editorial Board - CDS Birzeit, Palestine

Comment here