نحو اقتصاد سياسي للتحرر قراءات نقدية للتنمية في السياق الإستعماري

مجموعة باحثين

لقد إزدادت مؤخراً مطالبات الفلسطينيين بإعادة النظر في نمط التنمية المهيمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يترافق مع عملية سلام أوسلو ، والذي ركز على إبقاء هذه العملية على قيد الحياة أطول فترة ممكنة. ونمط التنمية السائد حالياً، والذي تتبناه كل من السلطة الوطنية الفلسطينية والمانحين، يتعامل مع الاحتلال بوصفه عاملاً خارجياً (exogenous factor)، أو عامل ثابت إلى حدٍ كبير بإفتراض أنه لا يمكن التحكم به أو السيطرة عليه، وبالتالي يجب قبول وجوده والتحرك تنموياً ضمن الحيِّز والمساحة التي يسمح بهما (طبر، 2012). وضمن هذا الحيِّز المتاح للفلسطينيين تحت السقف الإستعماري، فإن المفاهيم والسياسات التنموية المطّبقة على أرض الواقع تفترض مرحلة ما بعد الإستعمار (postcolonial reality) وتلتزم بالنموذج النيوليبرالي للتنمية. ويتمحور هذا النموذج حول تحقيق النمو الاقتصادي وبناء المؤسسات والبنية التحتية والحكم الرشيد وتحقيق كفاءة إقتصادية ونشر ثقافة الديمقراطية، دون الإهتمام بتأثير هذه السياسات على مشروع مناهضة الإحتلال أو التخطيط لربط هذه السياسات بإستراتيجيات مواجهة المشروع الإستعماري ضمن منظور يحقق هدف تحرر وطني للشعب الفلسطيني ككل. ونجد هنا أن المانحين والسلطة الفلسطينية، قد تحوّلوا في عملهم من الإسترشاد بالإحتياجات السياسية التحرِّرية للفلسطينيين، كشرط كفيل بتحقيق الأهداف الفعلية للعمل التنموي، إلى الإنشغال الكامل بكيفية تطبيق هذا النمط التنموي النيوليبرالي ضمن السَّياق الإستعماري.

وضمن سياق هذه الأفكار الأساسية، يأتي هذا الكتاب كإسهام في إعادة قراءة الخطاب التنموي الفلسطيني من خلال التطرق لمحورين: الأول يركز على مفهوم القوة (power) في تحليل التنمية والنتائج الإقتصادية والإجتماعية والسياسية المترتبة على إستمرار الهيمنة على الأراضي الفلسطينية ضمن سياق إتفاق أوسلو. كما تقدم أوراق الكتاب إسهامات في كيفية التعامل مع السياسات الإقتصادية لمواجهة آليات تكريس التبعية والخطو بإتجاه سياسة إقتصادية مناهضة للإ حتلال بهدف التحرر من نظام السيطرة الإستعماري الإستيطاني وتقليص الفجوات بين الضفة و قطاع غزة بالإضافة إلى التطرق إلى طبيعة العلاقات الإقتصادية الممكنة مع المؤسسات الفلسطينية في أراضي 1948.