إياد الريَّاحي وناهد سمارة
أعلنت سلطة النقد الفلسطينية نهاية عام 2007 عن سلسة إصلاحات وإجراءات في النظام المصرفي أهمها تعزيز منح الائتمان المحلي وتعميق الروابط مع الاقتصاد الحقيقي عبر تخفيض حجم التوظيفات الخارجية. وبذلك تراجعت السياسة المتحفظة على الإقراض، وأزدهرت الحمَّلات الترويجية التي تشجع الناس على التوجه للبنوك للحصول على قروض ميَّسرة وطويلة الأمد ، وذلك للتغلب على فائض السيولة التي أصبحت مطلوباً من البنوك تصريفها في السوق المحلي. هذه السياسة أدت خلال سنوات قليلة إلى إرتفاع مديونيات الأسر والأفراد إلى معدلات قياسية، (أكثر من 3 ملياردولار أمريكي) بينما كانت مديونيات الأسر والأفراد قبل الإنفتاح على الإقراض لا تتجاوز ال70مليون دولار .القروض التي منحت للناس هي قروض طابعها إستهلاكي وبالغالب تم توجيه تلك القروض لشراء منتجات مستوردّة، وفي هذا الإطار أشار مسؤولين تنفيذيبن حاليِّين وسابقين في ثلاث بنوك رئيسية تعملُ في الأراضي الفلسطينية المحتلة إضافة الى بعض الخبراء الاقتصاديين إلى خطورة سياسات الإقراض القائمة حالياً، غالبية القروض تذهب للاستهلاك ولا تفيد في تطوير الاقتصاد، فهي أموال لا يتم إستثمارها بشكل صحيح ليُعاد ضخها ثانيةً في الاقتصاد المحلي وبالتالي تتحول لعبء على الناس ويشيرون إلى ضرورة الإنتقال من هذا النمط من الإقراض إلى تمويل المشاريع الإستثمارية والتي تساهم في خلق فرص العمل، وقد تتحول القروض الإستهلاكية لاحقاً لأداة للحرمان والتجريد، حيث إن أحد الأمور التي تحدث عند الدخول في عالم الإقراض هو أن الناس سرعان ما يراكمو الديون، ويجدون فجأة أن نسبة الفائدة إرتفعت، فيُشهِّرون إفلاسهم ويضطرون لبيع الأصول، فتنخفض قيمة الأخيرة. وهذا ما حدث في سوق العقار في الولايات المتحدة. وعادة ما يكون هؤلاء هم أضعف الفئات في المجتمع. ويصبح حجم الإقراض كبير إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الحصول على التمويل وسهولة الوصول إليه حسب توزيع بين الضفة الغربية وقطاع غزة تشير أن هناك قيوداً مشددة على الأخير سواء على مستوى الحكومة المقالة أو الأفراد حيث لم تزد حجم التسهيلات الإئتمانية لقطاع غزة عن نصف مليار دولار أمريكي فقط. إرتفعت الديون الحكومية من 534.2 مليون في العام 2008 إلى 1.374مليار في العام 2013 بنسبة 275% خلال 5سنوات فقط . أي أن الديون إرتفعت من 21.9 مليون في العام 1996الى 1.374مليار في العام 2013 أي بنسبة زيادة تقدَّر 6274% . إضافة إلى أن بنوك خارجية وهيئات كالتقاعد قد إستدانت السلطة منها. وتبلغ ديون السلطة الفلسطينية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري أكثر من 4.3 مليار دولار، لصالح البنوك والقطاع الخاص ومؤسسات وبنوك دولية.
Comment here