مجموعة باحثين
إزدادت مطالبات قطاع واسع من الفلسطينيين مؤخراً بإعادة النظر في نمط التنمية المهيمن والسائد حالياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والذي تتبناه السلطة الوطنية الفلسطينية متماهية في ذلك مع رؤى المانحين ومقارباتهم، المترافقة مع عملية سلام أوسلو، والتي تتعامل مع الإحتلال بوصفه عاملاً خارجياً، أو عاملاً ثابتاً -إلى حد كبير- ما يقود إلى إعتباره خارج نطاق التحكم أو السيطرة، وبالتالي يجب قبول وجوده، والتحرك تنموياً ضمن الحيّز والمساحة التي يسمح بهما. وضمن هذا الحيّز المتاح للفلسطينيين، والذي يسهم السّياق الإستعماري في تحديد تخومه، ومضامينه على حدٍ سواء ، فإن المفاهيم والسياسات التنموية المطبقة على أرض الواقع تفترض مرحلة ما بعد الإستعمار، وتلتزم بالنموذج النيوليبرالي للتنمية. ويتمحور هذا النموذج حول تحقيق النمو الاقتصادي وبناء المؤسسات والبنية التحتية والحكم الرشيد وتحقيق كفاءة إقتصادية ونشر ثقافة الديمقراطية، دون الإهتمام بتأثير هذه السياسات على مشروع مناهضة الإحتلال أو التخطيط لربط هذه السياسات بإستراتيجيات مواجهة المشروع الاستعماري، ضمن منظور يحقق هدف تحرر وطني للشعب الفلسطيني ككل. وقد كانت نتائج هذا النمط المهيمن من التنمية وخيمة على الأداء الاقتصادي، والسياسي والاجتماعي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وضمن الفهم السالف لمقاربات التنمية -السائدة حالياً- ممارسةً وخطاباً، يأتي هذا الكتاب كإسهام في إعادة قراءة الخطاب التنموي الفلسطيني من خلال التركيز على إستخدام مفهوم صراع القوة والهيمنة كبديل للمفاهيم المطروحة حالياً، والمتمحورة حول نموذج الليبرالية الجديدة في تحليل نسق التنمية والنتائج الإقتصادية والاجتماعية والسياسية المترتبة على إستمرار الهيمنة على الأراضي الفلسطينية ضمن سياق إتفاق أوسلو. ومن هذا المنطلق، تساهم أوراق الكتاب في إعادة فهم وتحليل مواضيع تنموية عديدة، منها المساعدات الإنسانية، والسياسات الاقتصادية، والإستثمارات في البنية التحتية. وعلاقات الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1967 مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948. هادفةً في ذلك إلى الشروع في إرساء أسس تصّور لسياسات تنموية قادرة على مواجهة آليات تكريس التبعية، للمضي قدماً باتجاه سياسة إقتصادية مناهضة للإحتلال، بهدف التحرر من نظام السيطرة الإستعماري الإستيطاني. ويأتي هذا العمل نتاج ثلاث سنوات من البحث الدؤوب من قبل مجموعة من الباحثات والباحثين المختصين في شؤون التنمية الفلسطينية في مركز دراسات التنمية. الذي وضع نصب عينيه -منذ تأسيسه- تعميق مفاهيم التنمية وربطها بسياقها العملي من خلال تقديم أطر نظرية ومفاهيمية تتحرى واقع التنمية في فلسطين. وهذا يشمل دراسة التفاعلات بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتنمية. فضلاً عن دراسة بنى السلطة والسيطرة القائمة التي تحول دون تحقيق تنمية مستدامة ارتباطاً بالسّياق الذي يفرضه الإحتلال عليها.
Comment here