المنشورات

دليل ومبادي عمل تطبيقية حول البحوث الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة

د. أباهر السقا و أيمن عبد المجيد

نبعت فكرة إعداد هذا الدليل وترسخت تباعاً نتيجة تراكم خبرات وحدة المسوح في مركز دراسات التنمية-جامعة بيرزيت والتي إمتدت لما يزيد عن 15 عام في البحوث المسحية والميدانية بشقيها الكمي والنوعي “الكيفي”. وما زاد قناعتنا بأهمية هذا الدليل التزايد في المسوحات التي أُجريت في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أواسط التسعينيات، وكان للمركز دور ريادي فيها، مع بروز عديد من الملاحظات لدينا حول فحوى الكثير من المسوح والتي جاءت لتتسق مع النسق الذي خلَّفته إتفاقية أوسلو، في العلاقة بين السلطة الفلسطينية، والإحتلال الإسرائيلي من جهة، ونوع القضايا والأولويات التي يتم التركيز عليها ضمن هذا النسق من جهة أخرى. بكلمات أخرى، إن إختلال أسس العلاقة بين المُحتل/ المُستَّعمِر ومن يقبع تحت الإحتلال/ الإستعمار، أدى الى تخليق قضايا آنية، تبتعد في جوهرها بوتائر مختلفة عن القضايا الوطنية والطبقية والفكرية والمفاهيمية.

في هذا السياق، تنافست العديد من المؤسسات الفلسطينية لإبراز أرقام شهرية أو أسبوعية تشير لتوجهات وقضايا، بعضها يتسم بالدقة والموضوعية ويعكس جوهر القضايا التي يعيشها الشعب الفلسطيني، لكن أكثرها مبتور عن الواقع، ويمارس إسقاطات تعّسفية تُطال الفحوى، والمنهجيات، والأسئلة، والقضايا والمؤشرات. وما زاد من حجم الإشكالية دخول القطاع الخاص في منافسة مع المؤسسات البحثية والأكاديمية، حيث أصبحت بعض مؤسسات ذاك القطاع، تمارس دور وكيل محلي ينفذ توجهات ومنهجيات وأفكار لمؤسسات أخرى تحاول تنفيذها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولعل الأكثر خطورة في هذا المجال أن المؤسسات الفلسطينية الفاعلة لم تسعَ إلى تقديم رؤى نقدية تحاول من خلالها تطوير منهجيّاتها، وإبراز التحديات التي تواجهها في منهجيات العمل الميداني في السياق الاحتلالي/الاستعمارى القائم، بل تساوقت في أغلب الأحيان مع الخطاب والممارسات المهيمنة، وبدا شغلها الرئيسي منصب على التنافس للحصول على التمويل، حيث لعب التمويل الدولي دوراً مركزياً في التعاطي مع البيانات الكمية (المُعبر عنها بالأرقام) كأساس في سياساته وتوجهاته التنموية، التي كان للبنك الدوَّلي اليد الطُولى في هذا النهج، كون الرقم في كثير من الأحيان يخفي كثيراً من علاقات القوة القائمة، بل يحاول ردها إلى المجتمع الفلسطيني ذاته، وفواعله، بإسقاط شبه كامل للاحتلال وإجراءاته.

يسعى هذا الدليل من خلال رؤيته النقدية تقديم نماذج متنوعة للتعاطي مع آليات العمل الميداني، من خلال قراءة نافذة للواقع، تركز في أحد جوانبها على هشاشة وإنكشاف المجتمع لعوامل ومؤثرات مركزية خارجية “الإحتلال/ الإستعمار”، مع تقديم عدد من المحاذير حول الإنسياق وراء بعض المفاهيم والأطر النظرية غير القادرة على فهم الواقع الاستعماري الذي يعيشه الفلسطينيون.

About Author

Editorial Board - CDS Birzeit, Palestine

Comment here