أعمال ومشاريع متممة

دراسة ومسح قاعدي حول قطاع السياحة في فلسطين

دراسة ومسح قاعدي حول قطاع السياحة في فلسطين
أعمال ومشاريع متممة
2013
يهدف المشروع لتحليل بنية القطاع السياحي في فلسطين، ويركز بشكل خاص على تقييم الخدمات السيَّاحية، ونشاطات الفنادق، وخصائص ونشاطات السيَّاح، إضافة إلى جغرافية النشاطات السياحية. كما يتوقف التقرير عند القضايا التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في أداء قطاع السياحة، باستخدام التحليل الرباعي: التحديات ونقاط الضعف، في مقابل نقاط القوة والفرص المتاحة.

يتناول التقرير المعطيات والبيانات الرئيسية المرتبطة بقطاع السياحة في ست مدن في الضفة الغربية، التي تحتوي على أهم الأماكن السياحية، وهي: القدس، بيت لحم، رام الله، الخليل، نابلس، طولكرم، أريحا. أما فيما يتعلق بقطاع غزة، فقد أدى الحصار الذي فرضه الاحتلال إلى تراجع كبير في السياحة، مع أهمية الإشارة إلى أنها شكلت وجهة للعديد من الزيارات التضامنية للأجانب.

منهجياً تم الاستناد على مسوحات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول السياحة وذلك للوصول لهدف الدراسة. هذا إلى جانب جمع بيانات عن طريق مسح عينة عشوائية مكونة من 1534 سائح من الوافدين موزعة في المحافظات الست. حيث ركز المسح في أسئلته على عدد من القضايا، مثل: خصائص السياح، الجوانب المؤسساتية للسياحة القادمة، توفر المعلومات حول السياحة في فلسطين، إنفاق السياح، وتقييم الخدمات السياحية وجودتها.

بطبيعة الحال، فان الواقع السياسي و الإجراءات الإسرائيلية الممارسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي أكثر ما يؤثر في القطاع السياحي، فعلى سبيل المثال، تشير مسوحات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول النزلاء في الفنادق، بأن عددهم وصل بنهاية عام 2013 إلى نصف مليون زائر، مقارنة مع 51 ألف زائر في عام 2002 (في فترة الانتفاضة الثانية). الأمر الذي يؤكد شدة تأثير الأزمات السياسية على السياحة. وقد أكدت نتائج هذه الدراسة، بأن الاحتلال الإسرائيلي هو المعيق الرئيسي في توسع وتنمية قطاع السياحة الفلسطينية، حيث يتحكم الاحتلال في الحدود والمواقع السياحية الرئيسية في القدس والمناطق ج. ومن هنا تساهم هذه الدراسة في توضيح الدور السلبي للاحتلال الإسرائيلي وتشويه صورة السياحة في فلسطين.

يوضح التقرير –أيضاً- بأن المواقع التاريخية والدينية تشكل العنصر الأساسي في السياحة في فلسطين. إلا أن العديد من هذه المواقع مثل مارسابا في بيت لحم، النبي موسى وكهوف قمران، بالإضافة للبحر الميت تقع في المنطقة “ج”، أي تحت السيطرة الإسرائيلية الاحتلالية. إن سيطرة الاحتلال على هذه المناطق قد حدَّت من جهود السلطة الفلسطينية والقطاع الخاص في تطوير قطاع السياحة وزيادة العائد الاقتصادي منه. ناهيك أن العديد من المواقع السياحية والدينية تتمركز في القدس والبلدة القديمة مثل قبة الصخرة وكنيسة القيامة، مما يعني خروج تلك المواقع تماماً من نطاق عمل السلطة الفلسطينية وحتى مؤسسات القطاع الخاص في الضفة الغربية.

ما زالت المساهمة الاقتصادية للقطاع السياحي الفلسطيني متواضعة، ففي عام 2012 بلغت مساهمة السياحة في الناتج القومي حوالي 326 مليون دولار، أي ما يساوي 4% من الناتج القومي. وهو ما ينسحب أيضاً على مساهمة هذا القطاع التشغيلية، حيث بلغ عدد العاملين في المنشآت السياحية حوالي 23000 عامل، وهو ما يمثل 6% من القوة العاملة، حيث يشتغل هؤلاء وحسب مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2012 في 6593 مؤسسة سياحية، وهي 4% من مجموع المؤسسات، غالبية تلك المنشآت هي مطاعم ومقاهي وتمثل 68% من المؤسسات، وتوظف 60% من العاملين في القطاع السياحي.

ومن حيث التوزيع الجغرافي للمؤسسات السياحية، تُظهر نتائج التقرير بأن معظم الفنادق تتواجد في ثلاث مدن هي: القدس ،وبيت لحم ، ورام الله، بينما تتواجد شركات استئجار السيارات في رام الله والخليل وبيت لحم والقدس وجنين. من جهة أخرى، يفتقر القطاع السياحي للنشاطات الترفيهية والفنية، مع العلم أنها تمثل 3% من المنشآت السياحية، وتتركز مثل هذه النشاطات في رام الله والقدس. أما الصناعات السياحية (الخشب والسيراميك وصناعات أخرى) فتتركز في بيت لحم، فيما تتركز الجولات السياحية في المدن الكبيرة مثل رام الله والقدس ونابلس والخليل مما يشير إلى الطلب المحلي العالي للنشاطات السياحية الخارجية.

تمثل أريحا أحد أهم المدن السياحية وهي بحاجة لمرافق سياحية، حيث تصل نسبة المنشآت السياحية في أريحا 2% من مجموع المنشآت السياحية في الضفة، مع العلم أن معظم المؤسسات السياحية في أريحا هي مطاعم ومقاهي. ومقارنة بالمدن الأخرى، تفتقر أريحا لمرافق أخرى مثل المرافق الترفيهية والنشاطات الإبداعية، مما أثر سلباً على الطلب للمبيت في فنادق المدينة.

إن رصد نشاطات المهرجانات تُظهر بأن النشاطات الموسيقية والثقافية هي الأكثر رواجاً، مع العلم أن هذه النشاطات تستهدف بشكل رئيسي الجمهور المحلي وتتركز في رام الله وبيت لحم. إن المدن الكثيفة بالسكان مثل الخليل ونابلس تنظم القليل من هذه المهرجانات. كما تم تصنيف المتاحف بأنها مرتبطة بالآثار أو الفلكلور، وهي تتواجد في القدس ورام الله وبيت لحم.

تبين هذه الدراسة الخصائص المختلفة للسيّاح القادمين من الخارج، حيث أن غالبيتهم من أوروبا، وضمن متوسط عمري يصل إلى 37 عام. كما تُظهر الدراسة بأن ثلث السيّاح القادمين من الخارج نظموا رحلاتهم إلى فلسطين بأنفسهم، بينما اعتمد الباقي على وكالات السياحة، وتبين هذه النتائج بأن وكالات السياحة الفلسطينية تلعب دوراً صغيراً في توسيع السياحة القادمة من الخارج. فيما شكلت توصية الأصدقاء والمعارف العامل الرئيسي وراء قرار السياح زيارة الأراضي الفلسطينية. وفي هذا السياق، أشار 91% بأنهم سينصحون أصدقائهم بزيارة فلسطين، فيما أفاد 87% بأنهم سيكررون زيارتهم لفلسطين إن سنحت الفرصة لذلك، فيما أشار45% منهم بأن زيارتهم الحالية ليست الأولى التي يقومون بها إلى فلسطين.

كما تبحث هذه الدراسة في توفر المعلومات حول المواقع الفلسطينية السياحية المتاحة للسيّاح القادمين من الخارج وذلك لدراسة النجاعة التسويقية للسياحة الفلسطينية. وهنا تُظهر الدراسة بأن فلسطين ليست الموقع السياحي الرئيسي للعديد من السيّاح، وإنما تأتي ضمن برنامج سياحي للمنطقة. وليس بعيداً عن هذا الأمر، تُظهر البيانات بأن 23% من السيّاح القادمين من الخارج قد تم تحذيرهم من قبل وكالات السياحة الإسرائيلية حول أمانهم الشخصي عند زيارة الأراضي الفلسطينية، كما تم تقديم النصح لـ 16% بعدم زيارة الأراضي الفلسطينية.

تحدد هذه الدراسة أيضاً العديد من خصائص النشاطات السياحية، حيث يشكل الترفيه والنشاطات الدينية سبباً رئيسياً للسياحة القادمة إلى فلسطين. وبالنسبة للنشاطات السياحية الرئيسية، فإن المواقع الدينية هي الأكثر زيارة ومن ثم المواقع التاريخية والطبيعية. أما بالنسبة لفترة المكوث أثناء الزيارات فإن 60% من السيّاح الذين شملتهم العينة قد قضوا أقل من أسبوع في الأراضي الفلسطينية، وقام نصفهم بقضاء يوم واحد أو أقل، في حين وصلت معدلات الصرف للسائح إلى 1055 دولار، وتتركز بشكل رئيسي على المبيت والتسوق.

كما خصصت الدراسة جزءاً رئيسياً لتقييم الخدمات السياحية الفلسطينية، حيث تُظهر النتائج بأن مستوى رضى السيّاح بشكل عام هو أعلى من المعدل المتوسط بكثير. وإن الخصائص التي حصلت على التقييم العالي هي: الأمان، الضيافة، لقاء السكان المحليين، المعاملة الحسنة من قبل التجار والموظفين، والتعلم عن الثقافة الفلسطينية. أما الخصائص التي قيمَّت بأنها الأقل نجاعة فهي أسعار المقتنيات التذكارية والهدايا ونظافة المواقع السياحية.

تُظهر نتائج التحليل الرباعي بأن قوة القطاع السياحي تكمن بكثرة وتنوع المواقع السياحية، وبشكل رئيسي الدينية والتاريخية، وخاصة في القدس وبيت لحم وأريحا، إضافة للثقافة الفلسطينية الغنية. أما نقطة القوة الثانية فهي اهتمام القطاع الخاص الفلسطيني حديثاً بالاستثمار في قطاع السياحة، مثل مشروع بوابة أريحا في أطراف أريحا.

أما بالنسبة لنقاط الضعف، فإن القطاع السياحي الفلسطيني يواجه العديد من التحديات، وخاصة المرتبط بدور السلطة الفلسطينية في تطوير السياحة بما يشمل: عدم رصد موارد كافية لقطاع السياحة، ضعف التخطيط الاستراتيجي، قدم القوانين المرتبطة بالسياحة، ضعف تأهيل الطواقم، عدم وجود برامج ومصادر قوية لترويج السياحة في فلسطين. يضاف إلى ذلك، قلة الاستثمار من القطاع الخاص، حيث أن معظم الاستثمارات توجهَّت لقطاع الفنادق في بيت لحم ورام الله، تاركين أريحا دون أية مرافق كافية بجانب بنية تحتية سياحية ضعيفة. هذا كله إلى جانب ربط السياحة في فلسطين، بالسياحة الدينية، على حساب مجالات أخرى كالآثار والثقافة، إضافة لتركز المهرجانات في مناطق دون أخرى.

أما بالنسبة للفرص المتوفرة للسياحة الفلسطينية، فإن الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة يتيح الفرصة للسلطة الفلسطينية لتسجيل العديد من المواقع السياحية والدينية ضمن اليونسكو، مما قد يحد من استغلال الاحتلال الإسرائيلي لهذه المواقع. هذا بالإضافة لتزايد الاهتمام الدولي بتمويل مشاريع لتطوير قطاع السياحة، بالإضافة لزيادة الاهتمام بالسياحة البديلة سياسياً أو بأشكال أخرى، مثل تسلق الصخور، المشي، الدراجات الهوائية..الخ.

أما بالنسبة للتهديدات الرئيسية، فإن الاحتلال الإسرائيلي يبقى هو المعيق الرئيسي لتطوير قطاع السياحة الفلسطيني، نتيجة المعيقات والإغلاق في القدس والسيطرة على مناطق ج وعلى الحدود، بالإضافة لمنع السلطة من إصدار تأشيرات لدخول الأراضي الفلسطينية، والسيطرة على وفود السيّاح للأراضي الفلسطينية حيث أن معظم الرحلات منظمة من قبل الشركات الإسرائيلية. اعتماداً على وصف النشاطات السياحية والتحليل الرباعي (نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات)، يقترح هذا التقرير عدد من التوصيات السياساتية التي تهدف لتطوير مستوى النشاطات السياحية في الأراضي الفلسطينية، بما يطوِّر أداء القطاع العام ويزيد من الحوافز للقطاع الخاص لزيادة استثماره بالقطاع السياحي وبالأخص في مدينة أريحا إضافة لتوصيات أخرى.

المشروع: مُمول، مؤسسة JICA اليابانية

About Author

Editorial Board - CDS Birzeit, Palestine

Comment here